صوم لله واطلـب فضلـهواقرا من كتابـه جملـه
قرانـه الكريـم مااحـلاه في شهر الفضايـل كلـه
شهر الصوم شهر الرحمة يرسل للقلـوب البسمـة
ويزيد بالقلـوب الايمـان ويزيل الكـرب والهمـة
شهر الصوم شهر القران شهر التوبـة والغفـران
اطلـق نيتـك للـبـاري وسبح للمجيـد الرحمـن
والصلاة على مـن اقبـل في هدَّيه وخيـره ارسـل
محمـد نبينـا الاعـظـم صلي وبالصـلاة لاتبخـل
اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا وحبيبنا محمد عليه الصلاة والسلام
بسم الله الرحمن الرحيم
لحمد لله نحمده، ونستعين به ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنـا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ولا شريك له، إقراراً بربوبيته وإرغامـاً لمن جحد به وكفر.
وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله سيد الخلق والبشر، ما اتصلت عين بنظر أو سمعت أذن بخبر.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وعلى ذريته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدين.
اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علمنا، وأرِنا الحــق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممــــن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الإخوة الكرام:
أطلَّ علينا شهر الصيام، شهر التوبة والغفران، شهر الطاعة والإحسان، شهر الذِّكر والحب،
(( فرغم أنف عبد ـ كما قال عليه الصلاة والسلام ـ رغم أنف عبد أدرك رمضان فلم يُغفر له، إن لم يُغفر له فمتى))
ينبغي للمسلم في رمضان أن يخرج من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشَّهوات إلى جنَّات القربات، ومن مدافعة التدنِّي إلى متابعة الترقِّي.
موضوع الخطب اليوم وقفة متأنِّية عند آيات الصيام، وقبل أن نقف هذه الوقفة، لابد من مقدمة:
الإسلام ـ أيها الإخوة ـ دين الله الذي ارتضاه لعباده، وهو المنهج القويم الذي ينبغي للإنسان أن يسير عليه، تطبيق هذا المنهج عن إيمان وإخلاص هو جوهر العبادة، تطبيق هذا المنهج الذي أنزله الله على نبيه إيماناً واحتساباً هو جوهر العبادة، والعبادة ـ أيها الإخوة ـ هي على وجودنا، قال تعالى:
﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)﴾
[سورة الذاريات]
وكما تعلمون ـ أيها الإخوة ـ هناك عبادات تعاملية، كالأمر بالصدق والأمانة، والعفاف، وإنجاز الوعد، والوفاء بالعهد، وتحرِّي الحلال وضبط الجوارح والأعضاء، هذه العبادات التعاملية تقوم أصولها على حسن العلاقة بالله.
الإسلام عبادات تعاملية، حينما سأل النَّجاشي سيدنا جعفر عن الإسلام قال: " أمرنا بصدق الحديث، وأداء المانة، وصلة الرَّحم، وحسن الجوار، والكفِّ عن المحارم والدِّماء ".
سيدنا جعفر رضي الله عنه، عرَّف الإسلام تعريفاً أخلاقياً، هذه العبادات التعاملية تقوم أصولها على حسن المعاملة مع الخلق، أما العبادات الشعائرية كالصلاة والصوم والحج، فتقوم أصلوها على حسن العلاقة مع الله عزَّوجل.
حسن العلاقة مع العبادة عبادة تعاملية، حسن العلاقة مع الله عبادة شعائرية، والصيام من العبادات الشعائرية، التي أساسها حسن العلاقة مع الله.
إن صحت العبادات التعاملية، صحت العبادات الشعائرية.
(( ركعتان من ورع ـ ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ ركعتان من ورع خير من ألف ركعة من مُخلِّط ))
[أخرجه الديلمي في مسند الفردوس عن أنس وأورده الذهبي في الضعفاء]
والمخلِّط هو الذي خلط عملاً صالحاً وآخر سيِّئاً..
الدِّين ـ حينما قال الله تعالى على لسان سيدنا عيسى عليه وعلى نبيِّنا أفضل الصلاة والسلام ـ قال تعالى:
﴿وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصْانِي بِالصّلاةِ والزَّكَاةِ مَا دُمْت حَيّاً (31)﴾
[سورة مريم آية31]
وأوصاني بالصلاة: حسن العلاقة مع الله.
والزكاة: حسن العلاقة مع الخلق.
حينما يُقبل المسلم على تطبيق أمر تكليفي لعلَّة فيه، أو لما فيه من أسرار أو حكم، يكون إيمانه بالأمر لا بالآمر، والمفروض أن يكون الإيمان بالآمر لا بالأمر، حينما يُقبل المسلم على تنفيذ أمر تكليفي لعلة واضحة فيه، أو لما فيه من أسرار وحكم، يكون إيمانه بالأمر لا بالآمر والمفروض العكس ؛ أن يكون إيمانه بالآمر لا بالأمر، والقصد عبادة الله وطلب رضوانه، لا الوصول إلى السَّلامة وبلوغ السعادة في الدنيا فالمؤمن الصادق الذي عرف الله حقَّ المعرفة، يقبل على امتثال الأمر لأنه أمرٌ من خالقه، ذو القدرة المقتدرة، والحكمة البالغة، والكمال المطلق، يقبل على الائتمار بالأمر لأنه أمر من خالقه وكفى، فهمت العلة أو لم تُفهم، المهم أن يكون الدَّافع إلى فعل الأمر، وترك النَّهي هي عبادة الله وطاعته، لا جني ثمار الأمر واجتناب تبعات النَّهي.
يعني هناك من يفلسف، قد يكون مصيباً فيما يقول، إن الصِّيام من أجل الصحة، عندئذ يقبل الإنسان على الصيام من أجل صحته، ليست هذه هي العبادة، العبادة أن تُقبل على الأمر تنفيذاً لأمر الله عز جل وطاعة له، وتقرُّباً إليه.
الله جلَّت حكمته، حينما يرى عبداً من عباده المتَّقين، يُقبل على الطّاعات، لأنَّها أوامر خالقه، ومربيه، حينما يكون كذلك، يكشف الله بعد التطبيق علَّته المعجزة، وحكمته البالغة، وأسراره العظيمة.
يعني أنت إذا أقبلت على طاعة الله تنفيذاً لأمر الله، وتقرباً إليه وتحقيقاً لعبوديتك، بعد أن تنفِّذ الأمر يمتن الله عليك، فيكشف لك حكمته فتكون قد جمعت بين العلم وبين العبادة، أما الذي لا يطبِّق أمراً إلا إذا بدت له حكمته، وبدا له نفعه، وتعلَّقت به مصلحته، هذا لا يعبد الله لكنَّه يعبد ذاته.
إذا أقبلنا على طاعة الله تحقيقاً لعبوديتنا له، عندئذ نكون قد فعلنا ما ينبغي أن نفعل، أما الذي يعلق تطبيق الأمر على فهم الحكمة، ورؤية الثِّمار، فهو لا يعبد الله، ولكنَّه يعبد ذاته.
كل أمر إلهي علته أنَّه أمر إلهي، هذه اللَّفتة ـ أيها الإخوة ـ من أجل أن يرقى صيامنا من سلوك ذكي إلى عبادة خالصة، السُّلوك الذَّكي نقطف ثماره في الدنيا، أما العبادة الخالصة، نقطف ثمارها في الدنيا والآخرة.
يقول الله تبارك وتعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)﴾
[سورة البقرة]
لقد جرت سنَّة الله في خطابه أن يخاطب الناس جميعاً بأصول الدين:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)﴾
[سورة البقرة]
بينما يخاطب المؤمنين الذين آمنوا بوجوده، وكماله، ووحدانيته يخاطبهم بفروع الدين، كالأمر والنهي، والحلال والحرام، وكأنَّ الله سبحانه وتعالى، في هذه الآية، آية الصيام، يرقِّق الأمر بالصيام، كأنه يقول: يا من آمنتم بي، يا من آمنتم بعلمي وحكمتي، يا من آمنتم برحمتي ومحبتي، يا من أحببتموني، لقد كتبت عليكم الصِّيام.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)﴾
وحينما يأتي الحكم، ممن آمنت به، وممَّن وثقت برحمته، وحكمته تثق بأنَّ هذا الأمر تأتي منه فائدة لك، ولا ينبغي أن تقيس هذا الأمر بمقياس عقلك المحدود، بل ينبغي أن تقيسه بعلم خالقك، وحكمته ورحمته، فالله يعلم، ونحن لا نعلم.
قد يقول الأب الرحيم لابنه: يا بني، ألست والدك، ألا تثق بخبرتي المديدة، ورحمتي الأكيدة، وحرصي على سلامتك وسعادتك، دع هذا الأمر، ولا تقسه بعقلك الفتي، ولا بخبرتك المحدودة، ولا بنظرك القاصر، بل قسه بعقل أبيك، وخبرته وعقله.
لعل هذا الشرح توضيح لارتباط قوله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)﴾
الصِّيام: إمساك عن الطعام والشراب، وسائر المفطرات من الفجر وحتى الغروب، بنيَّة العبادة والطَّاعة، لأنَّ هذا النَّهي عن شهوة الطعام والشراب وشهوة أخرى، شهوات مباحة، وفق منهج الله، ومحببة إلى الإنسان، ورد في الحديث القدسي: (( أن كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ))
وفي رواية: (( يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، الصِّيام لي وأنا أجزي به))
[متفق عليه واللفظ للبخاري]
يعني هذا الصَّوم، من العبادات الشعائرية، أمرك أن تترك المباح المحبَّب لك من الطعام والشراب وسائر المفطرات بنيَّة التَّقرب إلى الله عز وجل، إنَّك حينما تفعل هذا، تؤكد أنَّ طاعة الله أحبُّ إليك من كل شيء.
أما قوله تعالى: ﴿كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ﴾
فتشير هذه الآية إلى أن مبدأ الصَّوم، لا يختلف من زمن لآخر، فهو ركن تعبُّدي موجود في الدِّيانات السَّماوية السَّابقة للإسلام، أي إنَّه منهج الله لتربية الإنسان.
وأما قوله تعالى: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾
أي لعلكم تدعون المعاصي وتلتزمون الطاعات، لا في شهر رمضان فحسب، بل في كل أشهر العام.
إذن كأنَّ الصَّوم تربية الإرادة في الإنسان على طاعة الله على مدار الأعوام.
ليس القصد أن ننتصر على النَّفس في رمضان، ثم ننخذل أمامها بقية العام، ولكن الصيام الحقيقي، أن نحافظ على هذا النَّصر على طول الدوران، وتقلُّبات الزَّمان والمكان.
ليس القصد أن نضبط ألسنتنا في رمضان، فننزهها عن الغيبة والنميمة وقول الزُّور، ثم نطلقها بعد رمضان إلى حيث الكذب والبهتان، ولكن الصيام الحقيقي، أن تستقيم منا الألسنة، وأن تصلح فينا القلوب مادامت الأرواح في الأبدان.
ليس القصد أن نغضُّ أبصارنا عن محارم الله في رمضان، وأن نضبط شهواتنا غير المشروعة في رمضان، ثم نعود إلى ما كنا عليه بعد رمضان، إنَّا إذاً:
﴿ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثاً ﴾
ولكن الصِّيام الحقيقي، أن تصوم جوارحنا عن كلِّ معصية، في رمضان وبعد رمضان، حتى نلقى الواحد الدَّيان.
ليس القصد أن نتحرى الحلال خوفاً من أي يُردَّ علينا صيامنا، ثم نتهاون في تحرِّيه بعد رمضان، على أنَّه عادة من عوائدنا، ونمط شائع من سلوكنا، ولكن الصيام الحقيقي، أن يكون الورع مبدأً ثابتاً، وسلوكاً مستمراً في حياتنا.
ليس القصد أن نبتعد عن المجالس وعن المشاهد التي تُكثف في رمضان، إكراماً لشهر رمضان، ليس القصد أن نبتعد عن المجالس وعن المشاهد التي لا ترضي الله، إكراماً لرمضان، ثم نعود إليها وكأن الله ليس لنا بالمرصاد، في بقية الشهور والأعوام.
ليس القصد أن نُراقب الله في أداء واجباتنا، وأعمالنا ما دمنا صائمين فإذا ودَّعنا شهر الصيام، آثرنا حظوظ أنفسنا على أمانة أعمالنا وواجباتنا.
أيها الإخوة الكرام:
أربأ بنفسي وبكم عن أن تغطينا هذه الحقيقة، مثل هذا الإنسان لم يفهم قط حقيقة الصيام، ولا جوهر الإسلام، إنَّه كالنَّاقة حبسها أهلها، ثم أطلقوها، فلا تدري لماذا حبست، ولا لماذا أطلقت.
الشيء المهم الذي ينبغي أن نستوعبه، هو أن الله تعالى، لم يصطف رمضان، من بين بقية الشهور ليكون شهر الطاعة والقرب فحسب، بل أراده شهراً يتدرَّب فيه الإنسان على الطاعة، ليذوق حلاوة القرب وعندها تنسحب هذه الطاعة، وذاك القرب، وتلك السعادة، على كل شهور العام، فيكون عندئذ رمضان، قفزةً نوعية مستمرة، في مجال الطاعة والقرب.
الحكمة من أنَّ الله تعالى، أمرنا بالإمساك عن الطعام والشراب وسائر المفطرات، من طلوع الفجر الصَّادق، إلى غياب الشمس، هي أنَّ الإنسان حينما يدع ما هو مباح امتثالاً لأمر الله، لا يستطيع ولا يتوازن أن يقترف ما هو محرم في هذا الشهر، فحينما يصطفي الله شهراً من الشهور، لتصفو فيه العلاقة بالله، يصطفيه من أجل أن يشع هذا الصفاء مع الله في كل الشهور، لأن الله تعالى مع المؤمن في كل زمان.
وحينما يصطفي الله تعالى، مكاناً كبيته الحرام، ويدعو المؤمنين إليه ليذوقوا حلاوة القرب فيه، يريد أن ينسحب هذا القرب على كل الأمكنة لأن الله مع المؤمن في كل مكان.
وحينما يصطفي الله إنساناً ليكشف الله له الحقائق، إنما يصطفيه ليكشف من خلاله الحقائق لكل الناس.
وحينما يصطفي إنساناً ليوحي إليه، الأمر والنَّهي، والمنهج القويم إنَّما يصطفيه ليكون هذا المنهج مطبَّقاً لدى كل الناس.
" إن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين ".
﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112)﴾
[سورة هود آية 112]
وحينما يصطفي إنساناً ليسعده سعادة أبدية، إنما يصطفيه ليسعد بدعوته كل الناس.
محمد عليه الصلاة والسلام، هو الذي اصطفاه ليكون القدوة الحسنة والمثل الأعلى لنا.
اصطفاء الأزمنة كرمضان، واصطفاء الأمكنة كبيت الله الحرام واصطفاء الأشخاص كسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، هو في الحقيقة من أجل أن يكون الصَّفاء في كل زمان، وفي كل مكان، ومع كل إنسان.
يقول الله عز وجل:
﴿أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (184)﴾
[سورة البقرة]
﴿أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ ﴾
إنَّها أيام قليلة، اصطفاها الله لتكون أيام طاعة وقرب، فلعلَّ الطاعة والقرب تستغرق كل أيام العام.
﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾
فالله لا يكلف نفساً إلا وسعها، وسع النفس لا يستطيع أي إنسان أن يقدره بعقله، لكن الله وحده، الذي خلقه والذي صنعه، بعلمه وخبرته وحكمته، هو وحده الذي يقدِّر الوسع، فهو جلَّ جلاله، يعطي الرخصة عندما يكون التكليف فوق الوسع، وتحديد المرض الذي لا يتسع للصيام يكون بغلبة الظن، أو بإخبار طبيب مسلم حاذق، وكذلك السفر الذي تقصر فيه الصلاة، يعدُّ علةً للإفطار في رمضان، لذلك لا يُقبل في الدين أن يقول إنسان من خلال تحكيم عقله في أمر تكليفي: هذا الأمر لا أقدر عليه، والله لا يؤاخذني على تركه، إلا أن ترد رخصة من الذي خلق الإنسان، ويعلم حقيقة وسعه، في أحد الوحيين، الكتاب والسنة.
حينما يطيق المسلم الصيام مع السفر والمرض، فالأولى أن يصوم لقوله عز وجل:
﴿وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾
هذا وجه من وجوه تفسير هذه الآية ؛ لأنَّ القرآن حمَّال أوجه " الشريعة رحمة كلها، ومصلحة كلها، وعدل كلها، فكل قضية خرجت من الرحمة إلى القسوة، ومن المصلحة إلى المفسدة، ومن العدل إلى الجور، فليس من الشريعة، ولو أدخلت عليها بالف تأويل وتأويل ".
﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)﴾
[سورة البقرة]
يريد الله بكم اليسر، ولا يريد بكم العسر، ولتكملوا العدة (أيام رمضان) ولتكبروا الله على ما هداكم..
الاهتداء إلى الله، والتزام منهجه، والوصول إليه، والتَّنعم بقربه ثمرة يانعة من ثمار الصوم، عندئذٍ تقتضي فطرة الإنسان التي فُطر عليها تقتضي شكر المنعم على نعمه، وهل من نعمةٍ أجلُّ وأبقى من نعمة الهدى.. فماذا وجد من فقدك يا رب، وماذا وفقد من وجدك يا رب.
وما دام الصَّائم قد ذاق حلاوة القرب في شهر الصِّيام، فهو يتجه بالشُّكر لله عز وجل، على ما أولاه من نعمة المعرفة والقرب، وهنا يناسب أن يقول الحق عقب آيات الصيام:
﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) ﴾
[سورة البقرة]
هذه الآية وردت عقب آيات الصيام، قال تعالى إذا سألك، ولم يقل إن سألك، لأن إذا تفيد تحقق الوقوع، بينما إن تفيد احتمال الوقوع، أي أن من لوازم معرفة الله والوصول إليه، والتَّنعم بقربه التَّوجه إليه وحده بالسُّؤال والدُّعاء، وهذه هي حقيقة التوحيد، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(( ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمُ الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ وَالْإِمَامُ الْعَادِلُ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا اللَّهُ فَوْقَ الْغَمَامِ وَيَفْتَحُ لَهَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ وَيَقُولُ الرَّبُّ وَعِزَّتِي لَأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ ))
[أخرجه الترمذي وابن ماجة]
لو تأملتم في آيات القرآن الكريم، لوجدتم مادة السؤال ورد في جوابها قل:
﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (215) ﴾
[سورة البقرة]
﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً (105)﴾
[سورة طه]
إلا في هذه الآية:
﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي﴾
لم يرد في جوابها قل بل إن الله عز وجل يقول مباشرةً: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ﴾
إشعاراً بأنَّه ليس بين العبد وبين ربه في سؤاله له، ودعائه إياه وسيط:
﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ﴾
لقد سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، " أقريب ربك فنناجيه، أم بعيد فنناديه ".
لأن البعيد ينادى، والقريب يناجى، فنزل قوله تعالى:
﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)﴾
وكلمة عباد غير كلمة عبيد، فكل من في الأرض من البشر عبيد لأنَّهم مفتقرون في وجودهم، وفي استمرار وجودهم، وخصائصهم وحاجاتهم مقهورون في هذا الوجود إلى الله، ولكن العباد شيء آخر، هم الذين تعرفوا إليه، والتزموا منهجه، وتقرَّبوا منه، مبادرة منهم، وبمحض اختيارهم، فالعبد الذي جمعه عبيد، هو عبد القهر:
﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (46)﴾
[سورة فصلت آية 46]
بينما العبد الذي جمعه عباد، هو عبد الشكر.
﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)﴾
أيها الإخوة:
لماذا قال الله عز وجل عن ذاته: ﴿فَإِنِّي قَرِيبٌ ﴾
قال عن ذاته فإني قريب ؛ ليشعر المؤمن أنَّ الله معه، في كلِّ مكان وفي كلِّ زمان، وفي كلِّ حال، وأنَّه ما عليه إلا أن يدعوه مؤمناً ومخلصاً، والله يجيب دعاءه، لكن الإنسان بضعف إيمانه، أو لضعف توحيده، يدعو غير الله، قال تعالى:
﴿إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14) ﴾
[سورة فاطر]
ولكن لماذا لا يستجيب الله أحياناً لمن يدعوه، أجاب النبي عليه الصلاة والسلام عن هذا السؤال:
عن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ
﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ وَقَالَ:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾
ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ ))
[أخرجه مسلم والترمذي وأحمد والدرامي]
لذلك قال تعالى: ﴿فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾
تؤمن به، وتستجيب لأمره، فيجب دعاءك، لعلهم يرشدون: إلى الدُّعاء المستجاب، أو إلى سعادة الدنيا والآخرة.
حينما لا يُستجاب الدُّعاء، يُعزى ذلك ؛ إما إلى فساد الداعي وانحرافه عن منهج الله، أو أنَّه ليس من الرحمة والحكمة أن يُستجاب له، فلو كُشف الغطاء لاخترتم الواقع.
وعلى كل فحظ المؤمن من الدعاء الإجابة أو العبادة، فالدعاء كما قال عليه الصلاة والسلام هو العبادة، قال تعالى:
﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)﴾
[سورة غافر]
المعنى عن دعائي، قال تعالى عن عبادتي.
﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)﴾
استنبط النبي عليه الصلاة والسلام أن الدعاء هو العبادة، إن دعوت الله إما أن يستجيب لك، وإما أن تكون قد عبدته بهذا الدعاء.
أيها الإخوة الكرام:
قال بعض العلماء:
إنَّ الصيام يخفف العبء عن جهاز الدوران، القلب والأوعية، حيث تهبط نسب الدسم والحموض في الدم إلى أدنى مستوى، الأمر الذي يقي من تصلب الشرايين، وآلام المفاصل.
ويريح الصيام الكليتين، وجهاز الإبراز، حيث تقل نواتج استقلاب الأغذية، ويتحرك سكر الكبد، ويحرك معه الدهن المخزون تحت الجلد ويحرك معه بروتين العضلات، إذاً صيام رمضان يُعد دورة وقائية سنويةً تقي من كثير من الأمراض، ودورة علاجية أيضاً بالنسبة لبعض الأمراض، وأنه يقي من أمراض الشيخوخة، التي تجم عن الإفراط في إرهاق العضوية، وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( صوموا تصحوا ))
[ابن السني، وأبو نعيم في الطب عن أبي هريرة، وحسنه السيوطي]
((كان عليه الصلاة والسلام يفطر على تمرات قبل أن يصلي، فإن لم تكن تمرات حسا حسوات من الماء ))
[رواه أبو داود وأحمد والترمذي في صحيح الجامع الصغير]
(( وعن سلمان بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإنه بركة، فإن لم يجد تمراً فالماء طهور))
[أخرجه الترمذي وأبو داود في صحيح الجامع الصغير]
التمر أيها الإخوة ـ الذي يتناوله الصائم مع الماء فيه خمس وسبعون بالمائة من جزئه المأكول مواد سكرية أحادية، سهلة الهضم سريعة التمثل، إلى درجة أن السكر ينتقل من الفم إلى الدم في أقل من عشر دقائق، وفي الحال يتنبه مركز الإحساس بالشبع في الجملة العصبية فيشعر الصائم بالاكتفاء، فإذا أقبل على الطعام أقبل عليه باعتدال وكأنه في أيام الإفطار.
بينما المواد الدسمة، يستهلك امتصاصها أكثر من ثلاث ساعات فمهما أكثر الصائم من الطعام الدسم لا يشعر بالشبع، ولكن يشعر بالامتلاء وفرق كبير بين الشبع والامتلاء، الشبع تنبه مركز الجوع في الجملة العصبية، إذا تنبه هذا المركز شعر بالشبع ولو لم يكن في معدته طعام كثير، أما حينما يشعر بالامتلاء، الإحساس بامتلاء المعدة شيء آخر.
لذلك كان عليه الصلاة والسلام يفطر على تمرات ويصلي المغرب ثم يجلس إلى الطعام، ومن لم يطبق سنة النبي عليه الصلاة والسلام في إفطاره، فاته خير كثير في صيامه، صحياً، ونفسياً، ودينياً.
التمور ـ أيها الإخوة، وهذه من آيات الله الدالة على عظمته ـ تتركب من السكريات الأحادية، وهذا النوع من السكر أسر السكاكر امتصاصاً في جسم الإنسان، وهذه التمور تتركب أيضاً من الألياف السيلولوزية التي لها آثار مدهشة في عملية الهضم، وفي وقاية الأمعاء من الأمراض الوبيلة.
تتركب هذه التمور أيضاً من المواد البروتينية المرممة للأنسجة ومن نسب ضئيلة من الدهن، ويحتوي التمر على خمسة أنواع من الفيتامينات الأساسية، التي يحتاجها الجسم، كما يحتوي التمر على ثمانية معادن أساسية، ومائة غرام من التمر يومياً فيها من نصف إلى خمس حاجة الجسم من المعادن يومياً، ويحتوي التمر أيضاً على اثني عشر حمضاً أمينياً، وفيه مواد ملينة، ومهدئة، وهناك خمسون مرضاً يسببها الإمساك والتمر يقي من الإمساك، وله آثار إيجابية في الوقاية من فقر الدم، ومن ارتفاع الضغط، ويعين على التئام الكسور، وهو ملين ومهدئ، وقد أثبتت الأبحاث العلمية، أن التمر لا يتلوث بالجراثيم إطلاقاً لأن تركيز السكر العالي يمتص ماء الجرثوم.
وهذا التوجيه النبوي من دلائل نبوة النبي عليه الصلاة والسلام.
حتى في أيام الإفطار قال بعض الأطباء: يبغي أن تُقدم الفاكهة لما فيها من سكاكر أحادية على وجبات الطعام، التي تحتوي غالباً المواد الدسمة، استنباطاً ظنياً من قوله تعالى وهو يصف أهل الجنة:
﴿وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (21)﴾
[سورة الواقعة]
الدعاء:
اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت، فإنك تقضي بالحق ولا يُقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت، لك الحمد على ما قضيت، نستغفرك ونتوب إليك
اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك.
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، ودنيانا التي فيها معاشنا وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين.
اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك.
اللهم لا تؤمنا مكرك، ولا تهتك عنا سترك، ولا تنسنا ذكرك يا رب العالمين.
اللهم بفضلك وبرحمتك أعل كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام والمسلمين وأعز المسلمين، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى إنه على ما تشاء قدير وبالإجابة جدير.والحمد لله رب العالمين